انضمام السعودية لمجموعة بريكس
انضمام السعودية لمجموعة بريكس هل هو حقيقي؟ خلال الأيام القليلة الماضية شغل هذا التساؤل بال الكثيرين من المواطنين السعوديين. والذين يسعون نحو ضمان مستقبل اقتصادي وتنموي أفضل لبلدهم الحبيب السعودية. ويُعد انضمام السعودية إلى بريكس حدثًا مهمًا، حيث يعد أكبر مصدر للنفط في العالم، ويمتلك اقتصادًا متنوعًا يعتمد على النفط والغاز والتصنيع. كما تعد السعودية عضوًا في مجموعة العشرين، وعضوًا مؤسسًا في منظمة التعاون الإسلامي.
ويتوقع أن يكون انضمام السعودية لمجموعة بريكس له تأثيرات إيجابية على كلا الطرفين. فبالنسبة للسعودية، سيوفر لها الانضمام إلى المجموعة فرصة للتعاون مع دول أخرى ناشئة في مجالات مختلفة، مثل التجارة والصناعة والاستثمار. كما سيساعدها في تعزيز مكانتها على الساحة الدولية. وفي هذا المقال، سوف نتحدث عن انضمام السعودية لقمة بريكس وسوف نشرح أوجه الاستفادة من حدوث هذا الانضمام.
انضمام السعودية لمجموعة بريكس
مع تطور العلاقات الدولية وتعقيدات المشهد السياسي والاقتصادي العالمي، تبرز بوضوح أهمية التحالفات والتعاون بين الدول. في هذا السياق، تعتبر مجموعة بريكس واحدة من المشروعات الدولية التي تسعى لإثبات نفسها كقوة اقتصادية وسياسية قائمة على تعاون الدول الكبرى. ومع تزايد الشائعات حول انضمام المملكة العربية السعودية إلى صفوف بريكس، تتجه الأنظار نحو الآثار المحتملة لهذه الخطوة على المستويات الإقليمية والدولية.
إن انضمام السعودية لمجموعةة بريكس سيمثل تطوراً ذو أهمية استراتيجية بالنسبة للمملكة والمجموعة نفسها. فبريكس، المكونة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، تعد منبراً للتشاور والتعاون بين الدول الصاعدة والكبرى، بهدف تعزيز التجارة والتنمية وتعزيز الأمن الدولي. وبالنظر إلى أهمية السعودية كاقتصاد كبير ومنتج للنفط، فإن انضمامها إلى بريكس قد يخلق فرصاً جديدة وتحديات استراتيجية تستحق التحليل والبحث. لكن قبل أن نتحدث عن انضمام السعودية لقمة بريكس والآثار المحتملة لهذا الانضمام علينا اولاً أن نعرف ما هي بريكس.
ما هي بريكس؟
بريكس هو اختصار لمجموعة تضم خمس دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. تمثل هذه المجموعة مجموعة من الاقتصادات الكبرى والناشئة في العالم. التقت الدول الخمس في عام 2006 بشكل غير رسمي، وعقدت قمم سنوية منذ عام 2009. الهدف الرئيسي لبريكس هو تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الخمس في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك التجارة والاستثمار والمالية والأمن.
الأهداف الرئيسية لمجموعة بريكس تشمل:
- تعزيز التعاون الاقتصادي: تهدف بريكس إلى تعزيز التبادل التجاري والاستثمار بين الدول الأعضاء، وتطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة من خلال على خفض التعريفات الجمركية وغيرها من الحواجز أمام التجارة فيما بينها. كما أنشأوا عددًا من المؤسسات المالية، مثل بنك التنمية الجديد لبريكس، لتقديم التمويل لمشاريع البنية التحتية وغيرها من مبادرات التنمية..
- تعزيز التعاون السياسي: تسعى المجموعة إلى تعزيز التعاون في الشؤون الدولية والسياسية، وتبادل الآراء حول القضايا العالمية المشتركة مثل الأمن الدولي والسلم والاستقرار.
- دعم التنمية المستدامة: تسعى بريكس إلى تعزيز التنمية المستدامة وتبادل الخبرات والمعرفة في مجالات مثل التكنولوجيا والبنية التحتية والثقافة.
- تعزيز الشراكات بين الدول: تعمل المجموعة على تعزيز التعاون بين الدول الناشئة والنامية، وتقديم الدعم للشراكات بينهم لتحقيق التنمية والاستقرار.
- الأمن: وافقت دول بريكس على التعاون في عدد من القضايا الأمنية، مثل الإرهاب والجريمة الإلكترونية.
اهتمام سعودي نحو بريكس:
أصبحت إشاعات انضمام المملكة العربية السعودية إلى بريكس محل نقاش متزايد، وخصوصاً عقب تصاعد التوترات بين الرياض وواشنطن مؤخراً نتيجة عدم التوصل إلى اتفاق بشأن أسعار وإنتاج النفط. أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعمه لاحتمالية انضمام السعودية إلى مجموعة بريكس، مشيداً بخططها الاقتصادية الطموحة و مكانتها المهمة في أسواق النفط العالمية. كما وأكد بوتين بشكل خاص تقديره لجهود ولي العهد، محمد بن سلمان، والدور البارز الذي يلعبه في تلك الخطوات.
في هذا السياق، تناول ناشطون سعوديون عدة النقاش في موضوع انضمام السعودية لمجموعة بريكس عبر تغريداتهم على موقع تويتر. فمثلا، قام الناشط السعودي حمد خليفة بنشر تغريدة نقلاً عن منصة بلومبيرغ يقول فيها إن جيم أونيل، الرئيس السابق لقسم إدارة الأصول في “غولدمان ساكس”، وأول من صاغ مصطلح بريكس، قد صرح في مؤتمر بريكس الذي انعقد منذ يومين إن توسع بريكس سيصبح مثيرا للاهتمام إذا انضم السعوديون. مؤكداً إن دور المملكة العربية السعودية كمنتج نفط ضخم واكبر مصدر له من سيعطي كتلة الثقل المطلوب.
وفي نفس السياق، غرد الناشط السعودي، عبد العزيز الخميس، قائلاً “قال بوتين: “السعودية دولة سريعة النمو، وليس فقط لأنها رائدة في إنتاج الهيدروكربونات واستخراج النفط.. لأن ولي العهد والحكومة السعودية لديهما خطط كبيرة للغاية لتنويع الاقتصاد، وهو أمر مهم للغاية”.
بعد تصريحات بوتين، قالت الصين إنها تدعم بنشاط عملية توسع بريكس.”
كما غرد أيضاً الناشط ، عايض آل سويدان، نقلاً ايضاً عن بلومبيرغ قائلاً: جيم أونيل الاقتصادي البارز في مجموعة غولدمان ساكس و وزير الخزانة البريطاني السابق “دخول المملكة العربية السعودية لـ “بريكس” سيغير خارطة اقتصاد العالم، وما لم يحدث ذلك فلا أهمية تذكر لتكتل بريكس.”
جيم أونيل: تقرير متفائل حول السعودية وبريكس
بحسب التقرير الذي نسب إلى جيم أونيل، الخبير الاقتصادي البارز والمخضرم في شركة غولدمان ساكس، قد أعرب عن رأيه بأن إضافة دول إلى تشكيلة بريكس ستكون ذات أهمية اقتصادية كبيرة، شريطة أن تكون المملكة العربية السعودية ضمنها. لكنه أشار إلى أنه في حالة العكس، قد يصعب تحقيق الفوائد المتوقعة.
وأضاف أونيل: “سيكون انضمام المملكة العربية السعودية صفقة ضخمة للغاية”، حيث ركز على العلاقات التاريخية القوية بين المملكة والولايات المتحدة، ودور السعودية كأحد أهم منتجي النفط عالميًا، مما سيعزز مكانة بريكس.
في نفس السياق، أعلن وزير الخارجية الجنوب إفريقي، ناليدي باندور، خلال مؤتمر بريكس الأخير، أن قادة المجموعة المكونة من البرازيل والهند وروسيا والصين وجنوب إفريقيا اتفقوا على وثيقة تتضمن نظرة عامة لتوسيع نطاق المجموعة.
وتجدر الإشارة إلى أن تقديرات بنك غولدمان ساكس بخصوص نمو الاقتصاد العالمي في 104 دولة حتى عام 2075، تشير إلى أن الصين والولايات المتحدة والهند وإندونيسيا وألمانيا ستكون أكبر خمس اقتصادات في العالم بحلول عام 2050. ومن المتوقع أن تظل الصين والولايات المتحدة والهند أكبر ثلاث اقتصادات حتى عام 2075. وباستمرار السياسات والمؤسسات القوية، من الممكن أن تكون سبعة من أكبر عشرة اقتصادات في العالم من الاقتصادات الناشئة.
السعودية وبريكس: تحالف منتظر وتحديات صعبة
بدأت شائعات انضمام السعودية إلى مجموعة بريكس تنتشر بعد تصريحات الرئيس الجنوب أفريقي سيريل راما بوزا خلال زيارته للسعودية. حيث أشار رامابوزا إلى استعداد المملكة للانضمام إلى هذه المجموعة، وتم نقل الخبر أولاً عبر وسائل إعلام جنوب أفريقية خلال ندوة صحفية للرئيس.
من ناحية أخرى، لم تصدر تأكيدات رسمية من الرياض بخصوص هذا الأمر. ومع ذلك، هناك إشارات إيجابية من المملكة، منها تعميق التعاون مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق. بالإضافة إلى ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الصينية تصريحات تدعو إلى توسيع قاعدة أعضاء التحالف. وتمنح المملكة السعودية صفة “شريك حوار” في منظمة شنغهاي للتعاون، التي ترتكز على الصين.
من الجهة الأخرى، تظل الأمور معقدة وصعبة بالنسبة للسعودية. إذ يعتبر تأثير القرار المحتمل بانضمام السعودية إلى مجموعة بريكس على علاقتها القوية مع الولايات المتحدة أمرًا صعبًا. فعلى الرغم من وجود بعض الخلافات الحالية، إلا أن واشنطن تعتبر المملكة حليفًا أساسيًا في منطقة الخليج. وتشترك البلدين في مواجهة التمدد الإيراني. وتظل الولايات المتحدة أكبر مورِّد للدعم العسكري والمستثمر الأجنبي في السعودية. حيث تفوق استثماراتها 800 مليار دولار، مقارنة بـ 100 مليار دولار فقط من الصين، وفقًا لما سبق أعلنه ولي العهد السعودي.
من ناحية أخرى، فإن انضمام السعودية إلى بريكس سيعزز العلاقات بين السعودية وروسيا والصين. وهما دولتان تتنازعان مع الولايات المتحدة في العديد من القضايا الدولية. وقد يؤدي ذلك إلى توتر العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة. خاصةً إذا كانت السعودية تدعم قضايا تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة.
خاتمة
في نهاية هذا المقال، يظهر احتمال انضمام المملكة العربية السعودية إلى مجموعة بريكس كخطوة جديدة ومثيرة على الساحة الدولية. تلك الفرصة المحتملة للسعودية لتكوين تحالف مع دول نامية قوية اقتصادياً يمكن أن تُعزز من تأثيرها على الساحة العالمية وتفتح لها أبواب التعاون في مجالات متعددة.
من الجدير بالذكر أن انضمام السعودية إلى بريكس لن يكون قرارًا سهلًا، حيث يحتاج إلى تقييم دقيق للمصالح والمخاوف. ستكون هناك تداعيات اقتصادية وسياسية يجب مراعاتها، بما في ذلك التأثير على علاقاتها مع الشركاء التجاريين و الحلفاء الاستراتيجيين الحاليين. مهما كانت النتيجة النهائية، فإن مجرد بحث السعودية في هذه الإمكانية يبرز تطورات جديدة ومثيرة في سياستها الخارجية.